الجمال ونار الغيرة

إلى الجمال تتطلع النفوس وتشتاق .. وإلى الجمال تتعلق القلوب والأبصار .. وإلى الجمال تسير الركبان وترتحل .. وفى الجمال تهيم الأرواح وتضطرب .. والجمال سحر العقول ..

وبين الجمال والغيرة صلة ٌو ارتباط .. الغيرة أساسها عشق الجمال .. والغيرة تنشأ فى الإنسان برؤية الجمال المتدثر بالبهاء ، ساعتها تتطلع إليه النفس ، وتشتهى أن لو كان الجمال منها وفيها حتى تكون هى سحر العقول ، وفيها وبها تهيم الأرواح وتضطرب - وتلك طبيعة النفس
والغيرة ليست شرآ على كل حال ، إلا إذا انقلبت حقدآ وكراهية وحسدآ

لذا فلا بأس من الغيرة إذا دفعت بصاحبها إلى التجمل بصفات الجمال التى يستطيع أن يرتقى إليها ولو بعد جُهد جَهيد

وأشد ما تكون الغيرة فى النساء عنها فى الرجال ، فالجمال للمرأة كالروح للجسد ،وبحثها عن الجمال وانشغالها به قد فاق كل حد ، فربما أنفقت إحداهن الأموال الطائلة من أجل تصغير حجم الأنف أو تعديله حتى تكون أشبه بفلانة الصحفية أو الفنانة

ذلك أنّ الغيرة دافـعة ٌ إلى التجمل

بينما قد لا يهتم الرجل كثيرآ بالشيب فى رأسه والخشونة التى فى يده ، ربما انشغل أكثروأكثر بالعمل ، وكسب المال ، عن التزين والتجمل وعن مظهره عمومآ إلا القليل .. بينما عامة النساء بخلاف ذلك الأمرإلا القليل أيضآ

ولأن الجمال عطاء ٌوهبة ٌمن الله فهناك فارق شاسع بين الجمال الأصلى وبين المُزَور الذى يذهب فور غسل الوجه بالماء ،

فهو تمامآ مثل الحلاق الذى يقوم ببعض أعمال الطبيب

ولو نظر الإنسان فى نفسه ، لرأى فيها من الجمال ما لا حد له ولا نهاية

وإذا كانت غيرة المرأة من امرأة آخرى مثلها ، فإن غيرة الرجل فى الدفاع عن عرضه وشرفه .. وخاصة فى مجتمعاتنا الشرقية التى لا تزال فيها معانى الرجولة قائمة لم تستهلك ولم تتحور وتتبدل .. كما تغيرت فى مجتمعات الغرب ..

ولا داعى لمزيد الكلام فى تلك المسألة

فالأمر واضح لكل ذى بصيرة

ربما أحرقت نار الغيرة الكثير من دفء المشاعر والصدَاقات بين المتحابين أو المتقاربين أوالمتزاملين فى العمل أو السكن ..

فالكل يود أن يكون هو محط الأنظار ، ومتعلق الأبصار ..

الكل يشتهى أن يحوذ إعجاب الجميع ، واجتذابهم إليه

ومن هنا تنشأ الغيرة خاصة بين الأنداد والقرناء والزملاء والنـُظراء فى الدراسة أو فى العمل أو القرابة أو المستوى المادى والإجتماعى ..

ولو أدرك كل واحد حجم نفسه .. لعـلِم حقيقة ماهو عليه من مزايا ومثالب ..

ولعَـلِم كذلك أن الجمال المطلق الذى لا تشوبه شائبه ، ولا يعتريه نقص ابدآ ، هو للذى خلق الجمال
تيم ::::::